وكان.. صباح آخر/وليام فوسكرجيان
2 مشترك
حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح :: قسم الشعر - النثر -الزجل -القصة - نقد - دراسة -لقاءات ادبية :: قسم الشعر
صفحة 1 من اصل 1
وكان.. صباح آخر/وليام فوسكرجيان
وكان.. صباح آخر/وليام فوسكرجيان
---------------------
قبل سنوات بعيدة.. كنت صغيرا.. صغيرا جدا.. كنت واحدا من اطفال العالم الذين ولدوا..
والذين لم يولدوا بعد.. احد اولئك الذين يملأون الطرقات.. والازق��ة والح��ارات والبيوت والمدن
الكبيرة والصغيرة والقرى المزروعة في الجبال والوديان بقاماتهم النحيلة وملامحهم الرائعة..
وصخبهم ومرحهم اللذين لا ينتهيان . وكانت الحرب قد اتت من البعيد وهي تحمل وجها كئيبا
قاتما خشن الملامح ومليئا .. بعبارات لم نكن نحسن قراءتها..
كنّا .. اطفالا .. صغارا.. نحسن اللّعب.. بالدمى واشياء اخرى يصنعها الآخرون لنا.. كانت الحرب
قد اتت مع آخرين من مكان لم تذكره كتب التاريخ لنا.. حتى يومنا هذا..
نظرت الى الحرب تلك باستغراب ودهشة.. كانت الحرب تحمل وجها يختلف عن وجوه الرجال
والنساء.. والصغار الذي اعرفهم والذين لا اعرفهم..
وبعد فترة من ذل��ك الزمن، سمعت والدتي تهمس لام��رأة كانت تم��رّ بالقرب من منزلنا، ان
الرجال ينضمون الى الحرب تلك في رحلة بعيدة.. وان اجر كل واحد سيكون مرتفعا جدا فيما
لو قاموا بها..
لم يخبرني احد عن تلك الرحلة، وكم ستدوم والى اين ستأخذ الرجال ومتى يعودون لم يخبرني
ابي عن ذلك ربما لأنه يجب الا يحادث الصغار بمواضيع لا تناسب اعمارهم، وقاماتهم الصغيرة.
وجاء ذلك اليوم الذي سألت فيه ابي وانا أتعلق برقبته وبشدة بيدي الصغيرتين والحزينتين، ان
يبقى معنا الا يرحل مع الراحلين. اذكر ان الدموع الكبيرة والصغيرة كانت تتساقط بغزارة من عيني،
وتبلّل كل خدي.. كان ابي يحاول الا تكون هناك غير نظرات هادئة فوق شفتيه وهو يجفف دموعي
تلك بمنديل ابيض كان يمسك به باحدى يديه.. وانتهى الأمر بأن اخذتني والدتي الحبيبة..ودموع
ساخنة اخرى تنهمر من عينيها.. بين ذراعيها وهي تهمس في اذني بكلمات.. لا اذكرها الآن..
تطلع الينا طويلا قبل ان يودعنا واحدا واحدا..ثم اغلق الباب بهدوء وراءه.. كان ذلك منذ زمن
بعيد.. بعيد جدا.. قبل ان يلحق والدي بالآخرين كالكثيرين.
ما زلت حتّى يومنا هذا اسمع.. كلما تذكرت ما حدث في تلك اللحظات.. صدى خطوات قدمي
والدي وهو يبتعد ويبتعد ليلحق بالآخرين.. في اليوم التالي وبعد ان استيقظت مبكرا كالعادة،
فتحت نافذة غرفتي التي تطلّ على مدينتي الحبيبة..
صباح ذلك اليوم كان مختلفا جدا.. كان يرتدي ملابس سوداء قاتمة، والمدينة يطلّ حزن آخر
من وجهها وعينيها الزرقاوين، والسماء مغطاة بغيوم لا لون لها تمتد حتى الأفق البعيد..
كان الشارع الذي يقبع قرب بيتنا يكاد يخلو من الرجال..كان هناك الكثير من النساء وكبار
السن والصغار يبتاعون حاجياتهم التي لا تنتهي.
كان صباح آخر..يبدو ان وجهه كئيب اكثر من اي وقت آخر.. والمارة يسيرون هنا وهناك وملامح
غريبة تغطي وجوههم الكئيبة.
فتحت والدتي باب غرفتي واندفعت في حضنها كالعادة..كلما اشعرت اني بحاجة الى بعض
الخبز او الحبّ والطمأنينة.
بعد كل تلك السنين الطويلة.. هآنذا وقد اصبحت رجلا.. ذي قامة مديدة.. وعينين شرستين..
وانف مدبب كصقور الصحراء.. وراحتين خشنتين، وقدمين تسبقان الريح وجسد لا تضره الشدائد
والمحن وقلب له من النساء زوجات ورفيقات.. وأخريات لا عدّ لهن ولا حصر..
ما زلت لا اذكر ما حدث بعد مرور كل تلك الايام والسنين وانا ما زلت انتظر عودة ابي لأدفن
في حضنه الدافىء.. رأسي.. ولأطوق رقبته بيدي.. ليهمس لي بكلمات لم اسمعها منه..منذ زمن
بعيد .. بعيد.. قبل سنوات بعيدة..كنت صغيرا.. صغيرا جدا..كنت واحدا من اطفال العالم الذين
ولدوا والذين لم يولدوا بعد..
كانت الحرب قد اتت من البعيد وهي تحمل وجها كئيبا.. قاتما .. خشن الملامح.. مليئا بعبارات لم
نكن نحسن قراءتها. كنّا اطفالا صغرا نحسن اللعب بالدمى واشياء اخرى يصنعها الاخرون لنا..
كانت الحرب قد اتت مع آخرين من مكان لم تذكره، كتب التاريخ لنا حتى يومنا هذا
---------------------
قبل سنوات بعيدة.. كنت صغيرا.. صغيرا جدا.. كنت واحدا من اطفال العالم الذين ولدوا..
والذين لم يولدوا بعد.. احد اولئك الذين يملأون الطرقات.. والازق��ة والح��ارات والبيوت والمدن
الكبيرة والصغيرة والقرى المزروعة في الجبال والوديان بقاماتهم النحيلة وملامحهم الرائعة..
وصخبهم ومرحهم اللذين لا ينتهيان . وكانت الحرب قد اتت من البعيد وهي تحمل وجها كئيبا
قاتما خشن الملامح ومليئا .. بعبارات لم نكن نحسن قراءتها..
كنّا .. اطفالا .. صغارا.. نحسن اللّعب.. بالدمى واشياء اخرى يصنعها الآخرون لنا.. كانت الحرب
قد اتت مع آخرين من مكان لم تذكره كتب التاريخ لنا.. حتى يومنا هذا..
نظرت الى الحرب تلك باستغراب ودهشة.. كانت الحرب تحمل وجها يختلف عن وجوه الرجال
والنساء.. والصغار الذي اعرفهم والذين لا اعرفهم..
وبعد فترة من ذل��ك الزمن، سمعت والدتي تهمس لام��رأة كانت تم��رّ بالقرب من منزلنا، ان
الرجال ينضمون الى الحرب تلك في رحلة بعيدة.. وان اجر كل واحد سيكون مرتفعا جدا فيما
لو قاموا بها..
لم يخبرني احد عن تلك الرحلة، وكم ستدوم والى اين ستأخذ الرجال ومتى يعودون لم يخبرني
ابي عن ذلك ربما لأنه يجب الا يحادث الصغار بمواضيع لا تناسب اعمارهم، وقاماتهم الصغيرة.
وجاء ذلك اليوم الذي سألت فيه ابي وانا أتعلق برقبته وبشدة بيدي الصغيرتين والحزينتين، ان
يبقى معنا الا يرحل مع الراحلين. اذكر ان الدموع الكبيرة والصغيرة كانت تتساقط بغزارة من عيني،
وتبلّل كل خدي.. كان ابي يحاول الا تكون هناك غير نظرات هادئة فوق شفتيه وهو يجفف دموعي
تلك بمنديل ابيض كان يمسك به باحدى يديه.. وانتهى الأمر بأن اخذتني والدتي الحبيبة..ودموع
ساخنة اخرى تنهمر من عينيها.. بين ذراعيها وهي تهمس في اذني بكلمات.. لا اذكرها الآن..
تطلع الينا طويلا قبل ان يودعنا واحدا واحدا..ثم اغلق الباب بهدوء وراءه.. كان ذلك منذ زمن
بعيد.. بعيد جدا.. قبل ان يلحق والدي بالآخرين كالكثيرين.
ما زلت حتّى يومنا هذا اسمع.. كلما تذكرت ما حدث في تلك اللحظات.. صدى خطوات قدمي
والدي وهو يبتعد ويبتعد ليلحق بالآخرين.. في اليوم التالي وبعد ان استيقظت مبكرا كالعادة،
فتحت نافذة غرفتي التي تطلّ على مدينتي الحبيبة..
صباح ذلك اليوم كان مختلفا جدا.. كان يرتدي ملابس سوداء قاتمة، والمدينة يطلّ حزن آخر
من وجهها وعينيها الزرقاوين، والسماء مغطاة بغيوم لا لون لها تمتد حتى الأفق البعيد..
كان الشارع الذي يقبع قرب بيتنا يكاد يخلو من الرجال..كان هناك الكثير من النساء وكبار
السن والصغار يبتاعون حاجياتهم التي لا تنتهي.
كان صباح آخر..يبدو ان وجهه كئيب اكثر من اي وقت آخر.. والمارة يسيرون هنا وهناك وملامح
غريبة تغطي وجوههم الكئيبة.
فتحت والدتي باب غرفتي واندفعت في حضنها كالعادة..كلما اشعرت اني بحاجة الى بعض
الخبز او الحبّ والطمأنينة.
بعد كل تلك السنين الطويلة.. هآنذا وقد اصبحت رجلا.. ذي قامة مديدة.. وعينين شرستين..
وانف مدبب كصقور الصحراء.. وراحتين خشنتين، وقدمين تسبقان الريح وجسد لا تضره الشدائد
والمحن وقلب له من النساء زوجات ورفيقات.. وأخريات لا عدّ لهن ولا حصر..
ما زلت لا اذكر ما حدث بعد مرور كل تلك الايام والسنين وانا ما زلت انتظر عودة ابي لأدفن
في حضنه الدافىء.. رأسي.. ولأطوق رقبته بيدي.. ليهمس لي بكلمات لم اسمعها منه..منذ زمن
بعيد .. بعيد.. قبل سنوات بعيدة..كنت صغيرا.. صغيرا جدا..كنت واحدا من اطفال العالم الذين
ولدوا والذين لم يولدوا بعد..
كانت الحرب قد اتت من البعيد وهي تحمل وجها كئيبا.. قاتما .. خشن الملامح.. مليئا بعبارات لم
نكن نحسن قراءتها. كنّا اطفالا صغرا نحسن اللعب بالدمى واشياء اخرى يصنعها الاخرون لنا..
كانت الحرب قد اتت مع آخرين من مكان لم تذكره، كتب التاريخ لنا حتى يومنا هذا
رد: وكان.. صباح آخر/وليام فوسكرجيان
مشكور يا امير المنتدى وامير المنابر
مشكور يا استاذي الفاضل
المحب انور طقاطقة
مشكور يا استاذي الفاضل
المحب انور طقاطقة
انور طقاطقة- عدد الرسائل : 503
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 06/08/2008
رد: وكان.. صباح آخر/وليام فوسكرجيان
الاستاذ الاديب الكبير المفضال الراقي انور طقاطقة
تحية الاسلام
لك مني عاطر التحية
واطيب المنى
دمت بخير
تحية الاسلام
لك مني عاطر التحية
واطيب المنى
دمت بخير
حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح :: قسم الشعر - النثر -الزجل -القصة - نقد - دراسة -لقاءات ادبية :: قسم الشعر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى