اليهود ومسمار جحا في الكفل /د. عماد الدين الجبوري -كاتب وأكاديمي عراقي
حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح :: حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح :: قسم الحوار والنقاش - السياسة
صفحة 1 من اصل 1
اليهود ومسمار جحا في الكفل /د. عماد الدين الجبوري -كاتب وأكاديمي عراقي
اليهود ومسمار جحا في الكفل /د. عماد الدين الجبوري -كاتب وأكاديمي عراقي
..........................................................................
بعد أن تكشفت حقيقة التوغل الصهيوني الخفي لوزارات ومؤسسات دولة العراق الجديد التي تديرها عبر قلعة السفارة الأمريكية المتسترة في المنطقة الخضراء ببغداد. وكذلك من خلال شركات أمنية وتجارية وإعلامية تحت مسميات وجنسيات مختلفة. بدأ التكشف الجديد عن زيارات غير معلنة لأفواج من اليهود الإسرائيليين القاصدين معبد ذو الكفل الذي يقع في مدينة الكفل التابعة لمحافظة بابل والقريبة أيضاً من مطار محافظة النجف لمنطقة الفرات الأوسط في العراق. كما وأن ترتيب وتسهيل مهمة هذه الزيارات اليهودية تجري بين مسؤولين إسرائيليين في بغداد ورئيس حزب المؤتمر الوطني أحمد الجلبي. حسب ما أوردته صحيفة النور. ورغم أن مكتب الجلبي سارع إلى تكذيب ذلك، مدعياً أن الجلبي شخص مسؤول بالدولة وليس له علاقات بشركات سياحية. إلا أن ما ذكرته الصحيفة نعتبره صحيحاً ولهذه الأسباب التالية:
أولاً: أن مثال الآلوسي الذي كان عضواً بارزاً في حزب المؤتمر الوطني قام بزيارة رسمية إلى إسرائيل في عام 2004. وطالب حينها بإقامة علاقات معها أسوة ببعض الدول العربية. وتحت السخط الشعبي وثوران كافة الوطنيين، أدعى الجلبي أن لا علم له بهذه الزيارة، وعمد الحزب إلى فصل الآلوسي. وكذلك تم عزله من منصبه في البرلمان العراقي. وكانت عقوبات هزيلة لذر الرماد في العيون ليس إلا.
ثانياً: كشفت شبكة أخبار العراق مؤخراً عن قيام وفد إسرائيلي مؤلف من 160 شخصية بينها وزير الدفاع للعدو الإسرائيلي الأسبق عزرا وازمن بزيارة ليس لمعبد ذو الكفل فقط، بل ولمدينة النجف أيضاً. حيث يتواجد مراجع الدين الصفويين المتهاونين.
ثالثاً: أن الجلبي يقول عن نفسه بأنه "رجل سياسة واقتصاد". هذا من جانب، ومن جانب أخر له علاقات وصلات واضحة ومعروفة سواء مع الأمريكان أو عمائم الدجل في إيران أو الكيان الصهيوني.
وعليه نستنتج بأن الجلبي له صلة ومصلحة في تنظيم هكذا زيارات لليهود الصهاينة. فمن الناحية المالية، أنه يتقاضى 1800 دولار عن كل فرد يهودي زائر. وعن نواحي الصلات السرية، فأنه مولع ويتميز بها. فإذا أنكر اليوم مكتبه هذه الأمر، فأن غداً سيظهر المستور.
معبد الكفل والغاية الصهيونية
قبل ذي بدء لا نود أن نخوض في مسألة ذو الكفل إن كان نبياً مُرسلاً أو ُمصلحاً اجتماعياً في بني إسرائيل. فالأمر الذي يهمنا هنا أكثر هو البحث عن الغاية الحقيقة للصهيونية المتعلقة بمدينة الكفل العراقية. خصوصاُ وأن هناك اختلاف في تحديد مكان مرقد ذو الكفل نفسه. ومع ذلك يجب أن نشير إلى أن العلماء المسلمين يميلون إلى أن ذا الكفل كان نبياً. ومن بينهم ما قاله ابن كثير (1302-1372) مستنداً إلى الآية الكريمة: "وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين" (21:85).
وجاء في التاريخ بأن ذا الكفل هو أبن نبي الله أيوب عليه السلام. وكان أسمه "بشر" بعثه الله بعد أيوب، وسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوفى به. وهناك روايات أخرى حول هذه التسمية، منها أنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل. وكان ذو الكفل يعيش في بلاد الشام ومات فيها عن عمر بلغ 95 سنة. ويتناقل السوريون بأن قبره في جبل قاسيون المطل على دمشق أقدم عاصمة بالتاريخ البشري.
أما بالنسبة إلى الصهاينة اليهود فأنهم يعتبرون مقام ذو الكفل في العراق في المدينة التي تحمل أسمه. وسواء أكان ذو الكفل مدفوناً في المدينة العراقية أو الجبل السوري، فأنه من الواضح أن سبب التركيز على العراق يتعلق بالأسطورة اليهودية: أن رجلا سيخرج من العراق ويقضي على دولة بني إسرائيل. أي كما حدث في التاريخ القديم عندما خرج لهم أكتر من قائد عراقي. ابتداءً من الملك الآشوري تغلاتبلاصر (727-722 ق.م) الذي قام بسبي اليهود، ثم الاكتساح الذي قام به الملك الآشوري سنحاريب (704-681 ق.م) وإلى الملك البابلي نبوخذ نصر (605-562 ق.م) الذي سباهم شر سبيه عام 586 ق.م حيث يُعرف في "السبأ البابلي". وهم لذلك يستهدفون العراق بشكل أساسي ومركزي. وما الدمار الهائل الذي يحصل بالعراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 ولحد الآن، إلا دلائل وبينات تؤكد هذه الحقيقة الصهيونية تجاه العراق بالذات.
وهكذا تتخذ الصهيونية اليوم من معبد ذو الكفل حجة يبررون فيها زياراتهم الدينية بغية اختراق المجتمع العراقي. أن المعبد الآن بالنسبة لهم بمثابة "مسمار جحا" يعلقون عليه أهدافهم الخفية في التوغل رويداً رويدا. خصوصاً وأن الحركة الصهيونية متميزة بقدراتها الخبيثة في تزييف الحقائق لاسيما التاريخية. فعندما أدعت بأن فلسطين هي "أرض الميعاد"، فأنها عملت سراً لفترة طويلة من الزمن في تزييف حقائق التاريخ حتى تمكنت من تغير عبارة "الأرض المقدسة" الموجودة في كُتب العصور الوسطى لأوروبا، والتي بسببها قامت الحروب الصليبية، لتصبح في كُتب العصر الحديث عبارة "أرض الميعاد" التي تخص اليهود وحدهم. وهي ذي أحدى الأساليب الصهيونية في تمهيدها لجعل العالم الغربي يتقبل ادعاءاتها المزعومة، ومن ثم مساندتها في اغتصاب أرض فلسطين على حساب الشعب العربي الفلسطيني.
أن تعمد الكيان الصهيوني بإرسال الزوار اليهود إلى معبد ذو الكفل، ليس كونه بمثابة "مسمار جحا" لهم وحسب. بل الهدف من هذه الزيارات كونها مجسات أولية تحت ستار السياحة الدينية، باعتبارهم من "أهل الكتاب" وأن ذا الكفل مذكور في القرآن، فلا ضير من توافدهم إليه. بيد أن حقيقتها تكمن في البحث عن موطئ قدم لها في وسط العراق بعد أن تمكنت من شماله عبر قادة الحزبين الكرديين جلال الطالباني ومسعود البرزاني. وبالتالي التوجه صوب الجنوب العراقي مستقبلاً، ربما تحت ذريعة زيارة "شجرة نوح"!
أن شعار الكيان الصهيوني "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل" قد تم تطبيقه أولاً على أرض الكنانة مصر منذ رحلة أنور السادات إلى تل أبيب عام 1977. والتي أدت إلى تكبيل مصر في معاهدة كامب ديفيد بتاريخ 17-9-1978 ليرفرف بعدها العلم الإسرائيلي في سماء القاهرة. كان ثمن هذه الاتفاقية وما زال تدفعه مصر في تقلص نفوذها وثقلها وقيادتها في العالم العربي. وبالمقابل تزداد فيه إسرائيل توسعاً، حيث جرى التطبيق الثاني على الأردن وفق الاتفاقية الموقعة في 26-10-1994، حيث راح العلم الإسرائيلي يخفق في جو عمان. ثم تلتها اعتراف موريتانيا بإسرائيل عام 2000، ليصدح العلم الإسرائيلي عالياً في نواكشوط. ناهيك عن الحضور والتواجد الإسرائيلي في بعض البلدان العربية المغاربية منها والخليجية. ويكفي أن نذكر هنا الدعوة التي وجهها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز، حيث أستقبله في الدوحة يوم الثلاثاء المصادف 30-1-2007. ولقد غرست إسرائيل عناصرها في العراق عبر الاحتلال الأمريكي، وما الزيارات اليهودية إلى مدينة الكفل في جهة الفرات إلا تحقيقاً وتنفيذاً يتجه نحو التطبيق الكامل لشعار إسرائيل من الفرات إلى النيل.
المقاومة الحل الوحيد
أن الضغط الأمريكي على رئيس حكومة الاحتلال الرابعة نوري المالكي الذي أدى إلى فتح معبد ذو الكفل للزوار اليهود. ثم قدوم الوفود والعوائل الإسرائيلية لمدينة الكفل بطريقة غير رسمية وتحت حراسة مشددة من قبل شركات الحماية الأمنية الخاصة. يعني إيذاناً عملياً أخراً بتنفيذ المخطط الصهيوني المرسوم في السيطرة التدريجية على العراق. فبعد التوغل السياسي الخفي بدأ التوغل الاجتماعي المستتر. وإذا استمر هذا النهج الصهيوني بالتواصل والتقدم داخل العراق، فلا محيص للعراق من الوقوع في شرك المعاهدة مع إسرائيل مستقبلاً. خصوصاً وأن القرار المرقم 1249 الصادر من مجلس النواب الأمريكي في شهر حزيران 2008 يطالب الإدارة الأمريكية بالضغط على حكومة الاحتلال بالاعتراف بإسرائيل. وطبعاً هذا الاعتراف سيأتي وفق معاهدة سلام بين الدولتين، وبالتالي يتم إخراج العراق من ثقله العربي كما خرجت مصر والأردن، ويصبح مسلوب الإرادة بحكم أصفاد وأغلال المعاهدة.
وعليه فأن الحل الوحيد للعراق وللوطنيين العراقيين هو طريق المقاومة بالتخلص من الاحتلال الأمريكي وإزاحة كل ما ترتب وتسبب فيه من أوضاع وحالات وأمور غير ما كانت عليه بين أبناء الشعب العراقي الواحد. صحيح أن الصهيونية التي حركت المحافظين الجدد في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بالتخطيط لغزو العراق، وأن المقاومة العراقية أفشلت مشروع هذه الغزو. إلا أن الصهيونية سوف لن تترك مشروعها الشرق أوسطي الكبير بهذه السهولة. ولكن أيضاً ما قدمه ويقدمه رجال المقاومة العراقية البواسل من استرخاص لأرواحهم في سبيل دينهم وبلدهم، فأنهم هم مَن يزرع بذور النصر وهم وحدهم مَن يحصد ثمار التحرير.
أن التفاف العراقيين حول فصائل المقاومة وجبهاتها الجهادية وذلك بمناصرتها ودعمها وإسنادها. فأنهم لا يعبرون عن تأدية الواجب الشرعي والوطني فقط. بل يعبرون أيضاً عن مدى عمق إيمانهم بأن سبيل المقاومة هو الحل الوحيد في تحرير وطنهم من براثن ومخالب قوات الاحتلال الأمريكي. ومن ثم تطهيره من دنس كل الأذلاء والعملاء والدخلاء من الصهاينة والصفويين ومن سار على مسلكهم من الخائنين العراقيين.
..........................................................................
بعد أن تكشفت حقيقة التوغل الصهيوني الخفي لوزارات ومؤسسات دولة العراق الجديد التي تديرها عبر قلعة السفارة الأمريكية المتسترة في المنطقة الخضراء ببغداد. وكذلك من خلال شركات أمنية وتجارية وإعلامية تحت مسميات وجنسيات مختلفة. بدأ التكشف الجديد عن زيارات غير معلنة لأفواج من اليهود الإسرائيليين القاصدين معبد ذو الكفل الذي يقع في مدينة الكفل التابعة لمحافظة بابل والقريبة أيضاً من مطار محافظة النجف لمنطقة الفرات الأوسط في العراق. كما وأن ترتيب وتسهيل مهمة هذه الزيارات اليهودية تجري بين مسؤولين إسرائيليين في بغداد ورئيس حزب المؤتمر الوطني أحمد الجلبي. حسب ما أوردته صحيفة النور. ورغم أن مكتب الجلبي سارع إلى تكذيب ذلك، مدعياً أن الجلبي شخص مسؤول بالدولة وليس له علاقات بشركات سياحية. إلا أن ما ذكرته الصحيفة نعتبره صحيحاً ولهذه الأسباب التالية:
أولاً: أن مثال الآلوسي الذي كان عضواً بارزاً في حزب المؤتمر الوطني قام بزيارة رسمية إلى إسرائيل في عام 2004. وطالب حينها بإقامة علاقات معها أسوة ببعض الدول العربية. وتحت السخط الشعبي وثوران كافة الوطنيين، أدعى الجلبي أن لا علم له بهذه الزيارة، وعمد الحزب إلى فصل الآلوسي. وكذلك تم عزله من منصبه في البرلمان العراقي. وكانت عقوبات هزيلة لذر الرماد في العيون ليس إلا.
ثانياً: كشفت شبكة أخبار العراق مؤخراً عن قيام وفد إسرائيلي مؤلف من 160 شخصية بينها وزير الدفاع للعدو الإسرائيلي الأسبق عزرا وازمن بزيارة ليس لمعبد ذو الكفل فقط، بل ولمدينة النجف أيضاً. حيث يتواجد مراجع الدين الصفويين المتهاونين.
ثالثاً: أن الجلبي يقول عن نفسه بأنه "رجل سياسة واقتصاد". هذا من جانب، ومن جانب أخر له علاقات وصلات واضحة ومعروفة سواء مع الأمريكان أو عمائم الدجل في إيران أو الكيان الصهيوني.
وعليه نستنتج بأن الجلبي له صلة ومصلحة في تنظيم هكذا زيارات لليهود الصهاينة. فمن الناحية المالية، أنه يتقاضى 1800 دولار عن كل فرد يهودي زائر. وعن نواحي الصلات السرية، فأنه مولع ويتميز بها. فإذا أنكر اليوم مكتبه هذه الأمر، فأن غداً سيظهر المستور.
معبد الكفل والغاية الصهيونية
قبل ذي بدء لا نود أن نخوض في مسألة ذو الكفل إن كان نبياً مُرسلاً أو ُمصلحاً اجتماعياً في بني إسرائيل. فالأمر الذي يهمنا هنا أكثر هو البحث عن الغاية الحقيقة للصهيونية المتعلقة بمدينة الكفل العراقية. خصوصاُ وأن هناك اختلاف في تحديد مكان مرقد ذو الكفل نفسه. ومع ذلك يجب أن نشير إلى أن العلماء المسلمين يميلون إلى أن ذا الكفل كان نبياً. ومن بينهم ما قاله ابن كثير (1302-1372) مستنداً إلى الآية الكريمة: "وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين" (21:85).
وجاء في التاريخ بأن ذا الكفل هو أبن نبي الله أيوب عليه السلام. وكان أسمه "بشر" بعثه الله بعد أيوب، وسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوفى به. وهناك روايات أخرى حول هذه التسمية، منها أنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل. وكان ذو الكفل يعيش في بلاد الشام ومات فيها عن عمر بلغ 95 سنة. ويتناقل السوريون بأن قبره في جبل قاسيون المطل على دمشق أقدم عاصمة بالتاريخ البشري.
أما بالنسبة إلى الصهاينة اليهود فأنهم يعتبرون مقام ذو الكفل في العراق في المدينة التي تحمل أسمه. وسواء أكان ذو الكفل مدفوناً في المدينة العراقية أو الجبل السوري، فأنه من الواضح أن سبب التركيز على العراق يتعلق بالأسطورة اليهودية: أن رجلا سيخرج من العراق ويقضي على دولة بني إسرائيل. أي كما حدث في التاريخ القديم عندما خرج لهم أكتر من قائد عراقي. ابتداءً من الملك الآشوري تغلاتبلاصر (727-722 ق.م) الذي قام بسبي اليهود، ثم الاكتساح الذي قام به الملك الآشوري سنحاريب (704-681 ق.م) وإلى الملك البابلي نبوخذ نصر (605-562 ق.م) الذي سباهم شر سبيه عام 586 ق.م حيث يُعرف في "السبأ البابلي". وهم لذلك يستهدفون العراق بشكل أساسي ومركزي. وما الدمار الهائل الذي يحصل بالعراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 ولحد الآن، إلا دلائل وبينات تؤكد هذه الحقيقة الصهيونية تجاه العراق بالذات.
وهكذا تتخذ الصهيونية اليوم من معبد ذو الكفل حجة يبررون فيها زياراتهم الدينية بغية اختراق المجتمع العراقي. أن المعبد الآن بالنسبة لهم بمثابة "مسمار جحا" يعلقون عليه أهدافهم الخفية في التوغل رويداً رويدا. خصوصاً وأن الحركة الصهيونية متميزة بقدراتها الخبيثة في تزييف الحقائق لاسيما التاريخية. فعندما أدعت بأن فلسطين هي "أرض الميعاد"، فأنها عملت سراً لفترة طويلة من الزمن في تزييف حقائق التاريخ حتى تمكنت من تغير عبارة "الأرض المقدسة" الموجودة في كُتب العصور الوسطى لأوروبا، والتي بسببها قامت الحروب الصليبية، لتصبح في كُتب العصر الحديث عبارة "أرض الميعاد" التي تخص اليهود وحدهم. وهي ذي أحدى الأساليب الصهيونية في تمهيدها لجعل العالم الغربي يتقبل ادعاءاتها المزعومة، ومن ثم مساندتها في اغتصاب أرض فلسطين على حساب الشعب العربي الفلسطيني.
أن تعمد الكيان الصهيوني بإرسال الزوار اليهود إلى معبد ذو الكفل، ليس كونه بمثابة "مسمار جحا" لهم وحسب. بل الهدف من هذه الزيارات كونها مجسات أولية تحت ستار السياحة الدينية، باعتبارهم من "أهل الكتاب" وأن ذا الكفل مذكور في القرآن، فلا ضير من توافدهم إليه. بيد أن حقيقتها تكمن في البحث عن موطئ قدم لها في وسط العراق بعد أن تمكنت من شماله عبر قادة الحزبين الكرديين جلال الطالباني ومسعود البرزاني. وبالتالي التوجه صوب الجنوب العراقي مستقبلاً، ربما تحت ذريعة زيارة "شجرة نوح"!
أن شعار الكيان الصهيوني "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل" قد تم تطبيقه أولاً على أرض الكنانة مصر منذ رحلة أنور السادات إلى تل أبيب عام 1977. والتي أدت إلى تكبيل مصر في معاهدة كامب ديفيد بتاريخ 17-9-1978 ليرفرف بعدها العلم الإسرائيلي في سماء القاهرة. كان ثمن هذه الاتفاقية وما زال تدفعه مصر في تقلص نفوذها وثقلها وقيادتها في العالم العربي. وبالمقابل تزداد فيه إسرائيل توسعاً، حيث جرى التطبيق الثاني على الأردن وفق الاتفاقية الموقعة في 26-10-1994، حيث راح العلم الإسرائيلي يخفق في جو عمان. ثم تلتها اعتراف موريتانيا بإسرائيل عام 2000، ليصدح العلم الإسرائيلي عالياً في نواكشوط. ناهيك عن الحضور والتواجد الإسرائيلي في بعض البلدان العربية المغاربية منها والخليجية. ويكفي أن نذكر هنا الدعوة التي وجهها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز، حيث أستقبله في الدوحة يوم الثلاثاء المصادف 30-1-2007. ولقد غرست إسرائيل عناصرها في العراق عبر الاحتلال الأمريكي، وما الزيارات اليهودية إلى مدينة الكفل في جهة الفرات إلا تحقيقاً وتنفيذاً يتجه نحو التطبيق الكامل لشعار إسرائيل من الفرات إلى النيل.
المقاومة الحل الوحيد
أن الضغط الأمريكي على رئيس حكومة الاحتلال الرابعة نوري المالكي الذي أدى إلى فتح معبد ذو الكفل للزوار اليهود. ثم قدوم الوفود والعوائل الإسرائيلية لمدينة الكفل بطريقة غير رسمية وتحت حراسة مشددة من قبل شركات الحماية الأمنية الخاصة. يعني إيذاناً عملياً أخراً بتنفيذ المخطط الصهيوني المرسوم في السيطرة التدريجية على العراق. فبعد التوغل السياسي الخفي بدأ التوغل الاجتماعي المستتر. وإذا استمر هذا النهج الصهيوني بالتواصل والتقدم داخل العراق، فلا محيص للعراق من الوقوع في شرك المعاهدة مع إسرائيل مستقبلاً. خصوصاً وأن القرار المرقم 1249 الصادر من مجلس النواب الأمريكي في شهر حزيران 2008 يطالب الإدارة الأمريكية بالضغط على حكومة الاحتلال بالاعتراف بإسرائيل. وطبعاً هذا الاعتراف سيأتي وفق معاهدة سلام بين الدولتين، وبالتالي يتم إخراج العراق من ثقله العربي كما خرجت مصر والأردن، ويصبح مسلوب الإرادة بحكم أصفاد وأغلال المعاهدة.
وعليه فأن الحل الوحيد للعراق وللوطنيين العراقيين هو طريق المقاومة بالتخلص من الاحتلال الأمريكي وإزاحة كل ما ترتب وتسبب فيه من أوضاع وحالات وأمور غير ما كانت عليه بين أبناء الشعب العراقي الواحد. صحيح أن الصهيونية التي حركت المحافظين الجدد في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بالتخطيط لغزو العراق، وأن المقاومة العراقية أفشلت مشروع هذه الغزو. إلا أن الصهيونية سوف لن تترك مشروعها الشرق أوسطي الكبير بهذه السهولة. ولكن أيضاً ما قدمه ويقدمه رجال المقاومة العراقية البواسل من استرخاص لأرواحهم في سبيل دينهم وبلدهم، فأنهم هم مَن يزرع بذور النصر وهم وحدهم مَن يحصد ثمار التحرير.
أن التفاف العراقيين حول فصائل المقاومة وجبهاتها الجهادية وذلك بمناصرتها ودعمها وإسنادها. فأنهم لا يعبرون عن تأدية الواجب الشرعي والوطني فقط. بل يعبرون أيضاً عن مدى عمق إيمانهم بأن سبيل المقاومة هو الحل الوحيد في تحرير وطنهم من براثن ومخالب قوات الاحتلال الأمريكي. ومن ثم تطهيره من دنس كل الأذلاء والعملاء والدخلاء من الصهاينة والصفويين ومن سار على مسلكهم من الخائنين العراقيين.
حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح :: حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح :: قسم الحوار والنقاش - السياسة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى